يعتبر مفهوم التنمية الترابية آخر إنتاج في الأدبيات
المرتبطة بتاريخ تحولات استعمالات مفهوم التنمية ککل، فهو مفهوم ينهض، على غرار
مفهوم التنمية المحلية، على أساس تجاوز أو تقويم السلبيات المرتبطة بمخططات
التنمية الوطنية أو القطاعية، العمودية والأحادية الرؤية والاستراتيجية، ليشير إلى
أن مضمون التنمية الترابية ينبع من مبادئ أساسية لمشروع يتصوره الفاعلون المحليون
أنفسهم، من أجل إعطاء دفعة للتنمية السوسيو اقتصادية لحيزهم الترابي. وهذا الحيز
الترابي قد يکون عبارة عن جماعة أو مجموعة من الجماعات المحلية، أو وحدة جغرافية
متجانسة من منظور خصائصها الطبيعية والاقتصادية (نظام الإنتاج) والبشرية کوادي أو
کتلة جبلية أو تکتل حضري.
وتعد المقاربة الترابية فلسفة ومنهجية جديدة لمقاربة معضلة التنمية بالمغرب، في سبيل إيجاد حلول ناجعة للإشکالات المرتبطة بالاقتصاد والمجال والمجتمع، بالنظر إلى أنها تشکل اليوم بارديغم مرجعي لتصور وإنجاز برامج الاستثمار العمومي وإستراتيجيات الفاعلين المحليين. لقد ظهرت التنمية الترابية في سياق اتسم بمتغيرات عدة منها قصور المقاربة الوظيفية للتنمية، وبروز علوم المجال، وغنى "التراب" وقصور "المحلي"، زيادة على صعود الفکر البيئي، وتفاقم إشکالات التدبير الإداري والسياسي.