تقديم
لقد شكل
النظام القبلي في الصحراء على فترات زمنية غير قصيرة، احد أهم محددات التنظيم في المجتمع الصحراوي،
حيث ما فتئت القبيلة أن كانت ولا تزال حتى
اليوم عنصرا سياسيا واجتماعيا فاعلا في واقع ساكنة الصحراء، واحدى المتغيرات
الحاكمة لمدخلات الفعل السياسي ومخرجاته بالمنطقة.
ورغم
أن التعبيرات الصراعية سواء كانت مطالب اجتماعية أو سياسية بالصحراء، و التي أخذت
طابع العنف في العقدين الاخيرين كانت جميعها موجهة ضد الادارة المركزية، وغاب فيها
تأثير القبيلة والقيادات التقليدية، وأظهرت بوضوح صعود نخب وقوى اجتماعية جديدة،
الا أن القبيلة لا تزال توظف في العديد من المناسبات للحشد والمناصرة في بعض
المراحل الصعبة التي تجتازها الدولة في ملف الصحراء مثلا، كما تقدم في مناسبات
وطنية مختلفة للتعبير عن التأييد لبعض الطروحات الرسمية، أو لشجب المواقف
المعادية.
وتعتبر
الانتخابات في الصحراء مجالا آخر لاستعمال القبيلة كآلية للمساندة الانتخابية
المرشحين، وفيها تظهر الخبرة الخاصة لكل قبيلة في قدرتها على انجاح منتخبين من
أبنائها، وقدرتها على بناء علاقات قوية مع
باقي القبائل الاخرى لاختيار مرشح مشترك.
ولعل
من اهم ما اسفرت عنه تقارير مركز التفكير الاستراتيجي والدفاع عن الديمقراطية حول
الملاحظة المحايدة والمستقلة للانتخابات الجماعية والجهوية والانتخابات التشريعية
التي اجرها في المجالين الحضري والقروي من خلاصات هو هيمنة الطابع القبلي والنفوذ
الاجتماعي والمالي على الترشيحات وعودة ظاهرة التوريث في المناصب عبر ترشيح شباب
ونساء من نفس المكون القلبي ومن ابناء الاعيان في معظم الجماعات، مما جعل المركز
يوصي بإجراء دراسة في سيسيولوجيا
الانتخابات بالصحراء، لتحليل هذه
الظاهرة المقلقة، وحول حدود تهديدها للعملية الديمقراطية بشكل عام.
وفي
هذا الصدد سهر الباحث ربيع أوطال عضو المركز على انجاز هذه الدراسة كأول عمل من
نوعه يتصدى لظاهرة القبيلة في السياق
الانتخابي عبر عمل ميداني استقى معطياته من الملاحظة المباشرة والشهادات الحية
بمناسبة قيامه بمهام الملاحظة المحايدة والمستقلة للانتخابات التشريعية للسابع من
كتوبر 2016 بإقليم العيون، فكان هذا العمل الرائد الذي يقدمه مركز التفكير
الاستراتيجي والدفاع عن الديمقراطية كمادة علمية رصينة للباحثين والمهتمين بالشأن
الانتخابي، وسيسيولوجيا الانتخابات.
العيون
في 06 فبراير 2017
الدكتور مولاي بوبكر حمداني
رئيس
مركز التفكير الاستراتيجي والدفاع عن الديمقراطية
مقدمة
نظريا تعتبر الانتخابات آلية من آليات الديموقراطية،
وتعبيرا واضحا على تبني هذه الأخيرة في تدبير الشأن العام، سواء الوطني أو المحلي.
لكن هذه الآلية تختلف من مجتمع إلى آخر، على اعتبار أن الفعل الانتخابي هو ظاهرة
اجتماعية، تتحدد وفق خصوصيات كل مجتمع، سواء الثقافية أو الاقتصادية أو
السياسية...
والسلوك الانتخابي الفردي المتمثل في تصويت الناخب على
من يمثله، ينبني على التمثلات الاجتماعية داخل المجتمع حول معايير تمثيل الساكنة،
والتي بدورها تختلف من مجتمع إلى آخر. فالسلوك الانتخابي هو سلوك اجتماعي بالأساس،
يتطور إلى عملية فردية، تتجلى في التصويت خلال يوم الاقتراع، حيث أن العملية
الفردية تخضع لتأثير مجموعة الانتماء، وطبيعة هذه المجموعة تحددها خصائص كل مجتمع.
وهذا التأثير الاجتماعي يتجسد أساسا في الخطاب الانتخابي الذي يسود خلال الفترات
الانتخابية، خاصة خلال فترة الحملة، عن طريق التجمعات الخطابية واللقاءات
الخاصة...
وخلال دراستنا للانتخابات التشريعية لسنة 2016 بإقليم
العيون، حاولنا تحليل الخطاب الانتخابي السائد، وعلاقته بطبيعة المجتمع المحلي،
والتمثلات الاجتماعية حول تمثيل الساكنة، وذلك من خلال مواكبة مختلف مراحل الحملة
الانتخابية، وملاحظة طبيعة خطاب الفاعلين السياسيين وعلاقته بجمهور الناخبين.
الدكتور ربيع أوطال
عضو المجلس الاداري لمركز التفكير الاستراتيجي والدفاع عن الديمقراطية
لقراءة او تحميل الدراسة كاملة اضغط على الملف المرفق